المقالات

هل يمكن أن تكون الزراعة الذكية ذات نتائج أسوأ من التقليدية بسبب نقص البيانات؟

في ظل التغيرات المناخية المتسارعة والنمو السكاني المتزايد، تواجه الأردن تحديات هائلة فيما يتعلق بتحقيق الأمن الغذائي وضمان استدامة مواردها الطبيعية المحدودة. يعتبر القطاع الزراعي من أكثر القطاعات تأثرًا بهذه التحديات، حيث يعتمد بشكل كبير على الموارد المائية والأرضية. ومع تزايد الضغوط على هذه الموارد، يصبح من الضروري تبني أساليب زراعية حديثة تعتمد على التكنولوجيا والبيانات لضمان استمرارية الإنتاج الزراعي.

على الرغم من انتشار مصطلح “الزراعة الذكية” في السنوات الأخيرة، إلا أن معظم الممارسات الزراعية في الأردن والمنطقة تعتمد على نظم بسيطة وقواعد شرطية محددة مسبقًا، دون استغلال القدرات الكاملة للبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي. تعاني الزراعة الذكية الحالية من نقص البيانات النظيفة والمفصلة، وهو ما يحد من إمكانياتها في التنبؤ والتكيف مع الظروف المناخية المتغيرة.

في هذا المقال ساتطرق الى مقارنة ادارة النظم الزراعية باستخدام التكنولوجيا المرتبطة بالجمل الشرطية، او ان الصح التعبير عنها بالتكنولوجيا المرتبطة بالمعرفة التقليدية مع التكنولوجيا المرتبطة بالبيانات.

إيجابيات وسلبيات الزراعة الذكية المبنية على القواعد الشرطية او المعرفة التقليدية

تُعَدّ الزراعة الذكية المبنية على القواعد الشرطية إحدى الحلول التقليدية التي تعتمد على استخدام معايير وسيناريوهات محددة مسبقًا للتحكم في الأنظمة الزراعية. يعتمد هذا النموذج على برمجة قواعد شرطية بسيطة تستند إلى مؤشرات ثابتة مثل درجات الحرارة، معدلات الرطوبة، ومستويات المياه. ومن أبرز ما يميز هذه الأنظمة سهولة التنفيذ، إذ يمكن تطبيقها في المزارع الصغيرة والمتوسطة دون الحاجة إلى استثمارات كبيرة أو تقنيات معقدة. كونها قائمة على سيناريوهات واضحة ومعايير ثابتة يجعل منها خيارًا شائعًا لدى المزارعين الذين قد لا تتوفر لديهم الموارد اللازمة للاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة. كما أن هذه الأنظمة تُعتبر أقل تكلفة نسبيًا مقارنة بالحلول القائمة على البيانات الضخمة أو الذكاء الاصطناعي، وهو ما يجعلها مناسبة لعدد كبير من المزارعين في الأردن والمنطقة.

ومع ذلك، رغم سهولة الاستخدام وانخفاض التكلفة، فإن لهذه الأنظمة العديد من القيود التي تحد من فعاليتها في تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الموارد الزراعية. أولى هذه القيود هي عدم المرونة، إذ تفتقر الأنظمة المبنية على القواعد الشرطية إلى القدرة على التكيف مع التغيرات غير المتوقعة، سواء كانت تغيرات مناخية مفاجئة أو هجمات حشرات وآفات جديدة. وبالتالي، فإن اعتماد المزارعين على سيناريوهات محددة سلفًا قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مثالية في بعض الأحيان، ما يترتب عليه إهدار الموارد مثل المياه والأسمدة، وبالتالي التأثير سلبًا على استدامة النظام الزراعي.

كما أن هذه الأنظمة لا تقدم قدرة تنبؤية، فهي تعمل على معالجة ما يحدث في الوقت الفعلي فقط دون النظر إلى البيانات التاريخية أو الاتجاهات طويلة الأمد. وهذا يعني أن المزارعين الذين يعتمدون على القواعد الشرطية قد يواجهون تحديات كبيرة في تحسين إنتاجية محاصيلهم أو التكيف مع الظروف الزراعية والمناخية المتغيرة بمرور الوقت. وفي ظل الضغوط البيئية المتزايدة وتغير المناخ، يصبح من الضروري إيجاد بدائل أكثر كفاءة ودقة للتعامل مع هذه المتغيرات.

إيجابيات وتحديات الزراعة الذكية المبنية على قواعد البيانات الديناميكية

في محور الزراعة الذكية المبنية على قواعد البيانات، يتضح أنها توفر إمكانيات هائلة لتطوير القطاع الزراعي وتحقيق استدامته. إيجابيات هذا النهج تبدأ من الدقة العالية في جمع البيانات وتحليلها، حيث تعتمد الزراعة الذكية على بيانات محدثة ومتعددة المصادر، تشمل حالة التربة، الظروف المناخية، ومعلومات دقيقة حول المحاصيل. هذه البيانات تساعد المزارعين في اتخاذ قرارات مبنية على واقع الأرض، مما يحسن كفاءة إدارة الموارد مثل المياه والطاقة، ويقلل الهدر، وتساهم في التحول بشكل مثالي نحو الزراعة الذكية مناخيا

إحدى أهم الإيجابيات هي القدرة على التنبؤ بالمخاطر، مثل تغير المناخ أو ظهور الآفات الزراعية. قواعد البيانات تسمح بتحليل سلوك المحاصيل في ظروف مختلفة، مما يساعد في الحد من المخاطر المستقبلية وإعداد خطط استجابة سريعة.

أما من ناحية التحديات، فإن تطبيق هذا النموذج يتطلب بنية تحتية تقنية متطورة ومكلفة، تشمل شبكات استشعار، مراكز بيانات، وقدرات تحليلية عالية. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج الزراعة الذكية المبنية على قواعد البيانات إلى بيانات دقيقة وجودة عالية، وهو أمر ليس متاحًا بسهولة في جميع الدول، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى نظم جمع البيانات المتطورة.

وفي ETA نعمل على تطوير هذه الحلول ومواجهة التحديات من خلال تطوير قواعد بيانات تترابط من خلال ابعاد مختلفة من البيانات، على حد سواء اذ كانت تتمتع بعلاقه مباشرة مع العمليات الزراعية او علاقة غير مباشره سيتم الترق اليها لاحقا، لاسيما ان التحدي الاساسي الذي نواجهه حاليا في توفير التمويل لتطوير وجمع البيانات الاولية وانشاء نموذج لمحاكاه اداره البيانات الزراعية

في الختام، يمكن القول إن تبني الزراعة الذكية المبنية على قواعد البيانات يمثل خطوة حاسمة نحو مستقبل زراعي أكثر استدامة وكفاءة، خاصة في ظل التحديات البيئية التي يفرضها تغير المناخ. وكما قال ألبرت أينشتاين: “لا يمكنك حل المشاكل بنفس مستوى التفكير الذي أوجدها.” لذلك، نحن في ETA نؤمن أن تطوير حلول زراعية قائمة على البيانات والتحليل العميق هو المفتاح لتجاوز العقبات التي تواجه قطاع الزراعة في الأردن، وضمان مستقبل زراعي أكثر ازدهارًا واستدامة. البيانات، كما أظهرت تجاربنا، ليست مجرد أرقام، بل هي القوة التي ستقود هذا التحول الضروري، في ذات الوقت فإننا في الأصل نعاني من شُح في البيانات الزراعية والبيئية بشكل عام في الأردن، ونأمل أن نصل في يوم ما الى امتلاك قواعد بيانات قادر على توليد المعرفة التي نحتاجها لاتخاذ قرارت تحسن مستوى الانتاجية وسبل العيش ومواجهة الكوارث

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *